كلنا في الثورة شرق-يونس إمغران /المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مساحة للنقاش

كلنا في الثورة شرق

  يونس إمغران    

*** بعد تونس التي كشفت لنا شفرة الثورة، و أيقظت إرادة الأمة التي داهمها السبات العميق منذ وقت سحيق، جاءت مصر لتزيد عيوننا انفتاحا، و بصائرنا فراسة، و إرادتنا قوة، و تدفعنا - بكل اقتناع و إيمان - إلى التمسك بخيار الثورة.. ثارت مصر بعد أن ثارت تونس، و البقية آتية لا ريب في هذا اليقين.. كلنا في الهم شرق.. و كلنا في الاستبداد شرق.. و كلنا في و نحو الثورة شرق.. و كاذب من استثنى قطرا عربيا من موجة التغيير، و من التوق إلى الحرية و الكرامة و العدالة.
لقد شاءت حكمة الله أن يبدأ تاريخ العرب في بداية القرن الواحد و العشرين.. تاريخ يقطع مع الماضي البئيس الذي بناه حكامنا بجماجم المواطنين و أشلاء أجسادهم.. و الذي بناه المواطنون – أيضا – بخنوعهم و قابليتهم لتلقي الإهانة و الاحتقار و الظلم و الضيم.. تاريخ سيء بنيناه سويا، كان فيه الحكام أصحاب السطوة و الغلبة و القهر، و كنا فيه شعوبا لا تختلف عن البهائم و الدواب، لا تبحث إلا عن ملء بطونها بأسوإ الأطعمة و الأشربة، و عن بيوت كريهة ضيقة متسخة لترقد فيها أجسامنا المنهكة و المتعبة في البحث عن الرغيف لا عن سواه.
تاريخ لن يتكرر اليوم، بعد أن امتدت إليه اليد التونسية فبترت منه أوراقا سيئة، و أدركته اليد المصرية فأزاحت عنه كثيرا من الصفحات المظلمة.. لكن ماتزال به صفحات كثر، يملؤها الدم و العظام النخرة، وجب مصادرتها بنفس الفعل الذي قام به التونسيون و المصريون، مادام حكام العرب مصرون على نهج سياسة الغي، و عازمون على وضع أصابعهم في آذانهم للإستمرار في منهج البغي.
إن التغيير حتمية عربية في هذا القرن، و لن تسلم أية دولة عربية من شرف التغيير و قدسيته، لأننا – كلنا – متشابهون في الاستبداد، و في تجويع الشعوب، و في تزييف الواقع و الحقائق و المعطيات..
و المغرب لن يكون بمعزل عن سنن الحياة، و لن يكون معزولا عن محيطه العربي و الدولي، خصوصا و أن واقعه لا يحمل لنا مقومات التطور، و لا يمنحنا مؤشرات التغيير و التبدل: ملكية متنفذة تنفرد بكل شيء، و حكومة صورية يخيل لها – و هي تدرك ذلك بوعيها الشقي - أنها تعمل و تجتهد و تقرر، و برلمان لا دور له سوى استنزاف أموال الشعب، و إتقان دوره المسرحي، و أحزاب فاقدة للشرعية، تمنح للمشهد السياسي مزيدا من الصورية و الانكماش، و تساهم بالتالي في تأخير فرص التغيير و التقدم.. و بين هذه الأحزاب كلها، يتربع حزب - تم تأسيسه بالأمس فقط، أو لنقل منذ دقائق فقط من زمن السياسة – على هرم السلطة، و يجثم على أنفاس المواطنين، و يتحكم في صناعة الخريطة السياسية وفق مقاسه و هواه و مزاجه في الشمال و الجنوب و في الشرق و الغرب.. و يحارب من يشاء، و يرفع البطاقات الصفراء و الحمراء لمن يشاء و أنى يشاء في الملعب و خارجه، دون أن ترفع الأصوات لإدانته، أو تتجه إليه إرادة الدولة لرده عن غيه.. لماذا ؟ لأنه الدولة نفسها..
 أليس هذا الواقع المر يحتاج إلى التغيير ؟ ألسنا بلدا تنخره الرشوة و الفساد و المحاكمات الصورية و الأحكام الجائرة ؟ أليس هذا الشعب تأكله البطالة و الحرمان من ثروته الوطنية... ؟ أليس إعلامنا الذي نغذيه بأموالنا العامة سيء فوق أي تصور ؟ لا يحسن سوى التطبيل و التزمير و الرقص على جراحنا بقدر إحسانه لتجاهل مطالبنا و مآسينا و فقرنا و مرضنا و جوعنا و شكاوانا؟.
إن الفرصة - للمغرب و لكل دول العرب - مواتية لإحداث تغيير جذري، نعيش في ظله حرية و كرامة و عدالة.
بدستور ينتمي لعصره.
بأحزاب حقيقية يقودها الشباب و ليس العجائز و الشيوخ ممن كانوا يتفرجون من فرنسا و من داخل بيوتهم الفخمة على مشاهد البطولة التي صنعها الثوار الحقيقيون أيام الاستعمار الإسباني و الفرنسي الغاشم.
بحكومة ذات سلطات و صلاحيات حقيقية.. و رئيس لها فاعل و شرعي انتخبه الشعب و ارتضاه لإدارة شؤون البلاد و العباد.
و برلمان مسؤول تحميه الإرادة الشعبية باختيارها له.. يملك آليات المراقبة و التحقيق و المساءلة.
و قضاء مستقل نزيه حر أبي متعال عن التعليمات و الأوامر.
و بتوزيع عادل للثروة و خيرات البلاد.
فمن يصنع التغيير بهذا البلد الأمين ؟ و متى نعلن وفاة البلادة ببلادنا.



 
  يونس إمغران /المغرب (2011-02-13)
Partager

تعليقات:
آزا /المغرب 2011-02-22
المقال جيد
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

كلنا في الثورة شرق-يونس إمغران /المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia